كيف تختار وظيفتك ومهنتك؟

8 قواعد تحتاجها قبل الدخول إلى سوق العمل

عمر غازي

من القضايا الشائكة في عالمنا العربي على وجه التحديد هي قضية تحديد المسار الوظيفي أو المهني، وتزداد هذه المعضلة تحديدًا في مصر، مع أكذوبة ما يسمى بكليات القمة، حتى أضحى الموضوع متلازمة نفسية لدى الأهالي، من أجل أوهام سيطرت عليهم يتسلطون على أبناءهم، للدخول إلى كليات بعينها ككلية الطب أو الهندسة على غير ميولهم التي قد تكون ميولا أدبية، فاضحى المجموع النهائي لمخرجات الثانوية العامة شيئا من قبيل الوجاهة الاجتماعية، وللتنمر على الآخرين، ولممارسة العنف النفسي على الأبناء، إلى الحد الذي تركت معه هذه الممارسات تشوهات نفسية واجتماعية لا تنتهي، وربما لآخر يوم من حياة ذلك المراهق البائس الذي وجد بين أبوين محدودي التفكير، ولآخر يوم في حياته عندما يضطر للاستمرار في أداء عمل يبغضه، حتى ولو كان عملا مرموقا في نظر المجتمع، ويمكن تلخيص أهم العوامل التي تتحكم في تحديد المسار الوظيفي والمهني في الآتي:

  1. رغبة الأهل، وتسلطهم في اختيار المسار الدراسي لأبنائهم، بما لا يعكس ميولهم، وقدراتهم.
  2. عدم القدرة على دراسة التخصص المرغوب سواء لعدم الحصول على مجموع دراسي يؤهل لذلك، أو عدم امتلاك المال اللازم لدراسة التخصص.
  3. دراسة تخصص ليس لديك شغف نحوه للوجاهة الاجتماعية، أو بسبب العوائد المالية الأفضل عند التخرج.
  4. تقليد الآخرين، وعدم اكتشاف الشغف الشخصي، وفهم الوظيفة بمفهوم الاسترزاق فحسب.
  5. فقدان الشغف والاستسلام للإحباط، ومتاعب الحياة، وملهياتها.

ومن المهم جدا التنبيه على عدد من الأمور، التي هي بمثابة قواعد ذهبية لا غنى عنها، ومهما تجاهلها الإنسان أو جهلها، سيدركها بالخبرة والممارسة، وتوالي الأيام، والسنوات، ولكن ربما قد يكون فات الأوان وهي

(1) لا تكن مجرد رقم

ولذا فأهم نصيحة هي أن تبحث عن المجال الذي تنجح فيه، وتحقق ذاتك، فعندما تكون تاجرا يشار له بالبنان، أفضل من مجرد طبيب بلا شغف من ملايين الأطباء الذين يمارسون هذه المهمة.

(2) ابحث عن شغفك

من الأخطاء الشائعة بشأن الشغف هو أننا نظن أنه يأتي بشكل سابق للممارسة وهذا اعتقاد خاطئ فالشغف قد نكتشفه وقد نصنعه، فلا توقف الحياة لشغف تعجز عن ملاحقته بل اصنع شغفك من الفرص التي تستطيع اقتناصها!

(3) كن مرنا

وهذه المرونة واحدة من أسرار النجاحين، ويقصد بها القدرة على التكيف مع المعطيات، فكثير من المدرسين والأطباء والصحفيين وغيرهم من الصناع والمهنيين والتجار، لم يستطيعوا مواكبة متغيرات سوق العمل، ولم يبذلوا الجهد لتطويع قدراتهم مع المهارات الجديدة، ففاتهم قطار التفوق وبقوا داخل قوقعتهم يبكون على اللبن المسكون، ويلعنون حظهم العاثر، ولذلك لا تكن جامدًا في نظرتك عجولاً في وصولك إلى الراحة المهنية.

(4) رحب بالمنافسة

الناجحون دائما تجدهم يرحبون بالمنافسة ولا يخشونها، لأنها تثير لديهم الحافز، وتزيد من الدافع، فتذكي لديهم روح المثابرة والاجتهاد، فيستميتون لإبراز مواهبهم، وقدراتهم، لأنهم يدركون أن منافستهم مع أقرانهم من أصحاب الكفاءة، فرصة لا تعوض لتفجير الطاقات، وقياس النجاح، وإظهار الإبداع، أما الفاشلون فيخشون المنافسة وتربكهم وتظهر أحقاد قلوبهم، وأسوأ ما فيهم ويميلون للمكايد والطرق غير المشروعة لإفشال منافسهم أو تحييده من طريقهم.

ولذا فإن أسهل وأفضل نصيحة توجه لمن يرغب أن يكون ناجحًا هو أن يؤمن بالمنافسة الشريفة، بل ويسعى لها، لأنها بمثابة وقود لا ينضب، وحافز لا يقدر بثمن، والناجح أيضا يؤمن بمفهوم الوفرة لا الندرة، فلا يخشى من منافسة الآخرين له أن يؤثر ذلك على رزقه أو ماله أو منصبه، فلكل إنسان ما يميزه، ولكل طاقته، وسوق العمل والتجارة لا يضيق بالناجحين، ولا يكتفي منهم ومن نجاحهم

(5) اقتنص الفرص

من الفروقات المهمة بين الإنسان الناجح وغيره، هو القدرة على اقتناص الفرص، ففي الوقت الذي ينتظر فيه البعض أن يبتسم لهم الحظ، أو يوسمون الآخرين بأنهم محظوظون، يستطيع الناجحون تمييز الفرص السانحة لهم، ويقدرون على اتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب مع ما فيه من مخاطرة أو مغامرة، لأنهم يدركون أن الركون إلى الطرق الأسهل والأكثر أمانا، لا تقفز بصاحبها إلى قمم النجاح، وإنما تجعله في منطقة آمنة تبعده عن الفقر والغنى وعن النجاح والفشل على حد سواء، وأيضا لا تجعل نفسك أسيرا لتخصصك الدراسي، أو العلمي، أو تخصصك المهني الذي بدأت فيه مسارك العملي، كن مرنًا بالقدر الذي يجعلك تستطيع اقتناص الفرصة المواتية، وتعديل ما يلزم لشق مسار جديد من النجاح

(6) ضع لنفسك أهدافا متجددة

العمل دون أهداف محددة وواضحة، هو أشبه بمن يقود سيارته على غير هدى، ودون معرفته للطريق أو الوجهة، وربما يقطع مسافات كبيرة ويمضي أوقاتا طويلة في السير، ولا يبرح المنطقة التي بدأ منها فهو يدور حولها لافتقاره للرؤية والهدف، وهذا الذي يحدث غالبًا مع كل شخص يلج إلى سوق العمل دون أهداف واضحة، فتجده يتخبط أو لا يبرح مكانه، أو يتراجع كلما تقدم، ولذا فإن من أهم النصائح التي تسدى إلى أي شخص مقبل على حياة عملية جديدة هي “اعرف ماذا تريد الآن، وحدد لنفسك ما تهدف إليه بنهاية العام، وارسم لنفسك خطا لمستقبلك بعد 5 سنوات على الأقل.

(7) تعلم من مدرسة الحياة

الحياة مدرسة بل جامعة حقيقية لا تنضب دروسها ولا تتوقف، والإنسان الناجح هو الذي يتعلم منها، وليس بالضرورة أن يتعلم من أخطائه كما هو شائع لدى الناس، بل الصواب أن يتعلم من أخطاء من حوله ليتجنب الوقوع في الخطأ.

(8) قيم نفسك باستمرار

التقييم المستمر بمثابة شحن لبطارية النشاط والأمل والطموح، فلا تهمله في غمرة النجاح أو الفشل، واجعل لنفسك من وقت إلى آخر جلسة متعمقة تتأمل فيها أهدافك المنقضية والحالية والقادمة، ومدى تعاطيك ونجاحك في تحقيقها.

وختاما: لا تحتقر أي مهنة أو وظيفة، وثق تماما أن الإنسان الناجح يستطيع أن يصنع نجاحه في أي تخصص، فالنجاح ليس حكرًا على مهنة بعينها، أو تخصص دون غيره، فقط اتبع شغفك، أو اصنعه لا يهم، المهم أن تبحث عن متعتك في أداء مهامك، أو تتعلم أن تجد هذه المتعة، بالإتقان، والصبر، والتنافس الشريف، والخبرات المتراكمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *