الأوربيون في تنظيم داعش .. استفهامات تحتاج إلى تأمل

بقلم (عمر غازي)

تظهر التقارير الإعلامية حول تنظيم داعش أو الدولة الإسلامية في العراق والشام كما يطلق على نفسه بعض الحقائق والأرقام التي تستوجب التأمل طويلاً ولاسيما المتعلقة بالمقاتلين الأجانب القادمين من قارة أوروبا ومواطنيها.

فبحسب ما نقلته صحيفة (Die Welt) الألمانية في إبريل الماضي عن المركز الدولي للتصدي للإرهاب فإن إجمالي عدد الأوروبيين لدى داعش يتجاوز الـ 4 آلاف شخص، وهو برأيي رقم يستحق الدراسة بالنظر إلى إجمالي عدد المقاتلين الذي يتراوح بين ال20 ألفا والـ31 ألفا بحسب تقدير CIA

والذي يدعونا إلى هذا التوقف ليس لمعرفة دوافع هؤلاء المقاتلين من الناحية الأيدلوجية وهم الذين ولدوا وعاشوا وترعرعوا في دول أوربية.

وإنما الأهم من ذلك الوقوف على الظروف التي صاحبتهم في اتخاذ قرار التوجه إلى مناطق النزاع في الشرق الأوسط والانضمام لتنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام داعش، وملابسات هذا القرار الخطير وهل ثمة أياد خفية ساهمت في تنازلهم عن حياتهم بهذه السهولة.

وهذه الأسئلة تبدو منطقية بالنظر إلى ما أشرت إليه في مقال سابق من قيام محكمة العدل العليا الكندية منتصف عام 2016 بإلغاء حكم الإدانة الصادر بحق زوجين مسلمين لقيامهما بزرع قنابل منزلية الصنع خارج أحد المباني الحكومية، وقضت المحكمة باتهام الشرطة بالتلاعب المنهجي متعدّد الأوجه بالمتهمين لدفعهما إلى ارتكاب اعتداء إرهابي.

فوفقا للحكم القضائي التاريخي فإنه على الرغم من اعتناق الزوجين لبعض وجهات النظر المتطرفة التي ترى في العنف سبيلاً لإرسال الرسائل السياسية، إلا أن الشرطة تجاوزت حدود سلطتها في التعامل معهما، فهي من استغلت فيهم هذه النزعة ووجهتهم لهذا الفعل، دون أن يدروا، وبدون مساعدة الشرطة لم يكن بإمكانهم أن يقوموا بهذه العملية الفاشلة أبداً.

والذي يتأمل في هذه القصة يرى أنه ثمة أصابع خارجية ممكن أن تتلاعب ببعض من لديهم شحنات من القهر والتأجيج العاطفي أو جنوح نحو التطرف الفكري بأي شكل كان للتورط في عنف مادي دون أن يكون لديهم القدرة أو التخطيط أو الوسيلة لبلوغ ذلك الأمر من جهة، خصوصاً إذا ما علمنا أن التجنيد بات صناعة إلكترونيا فبحسب معظم الدراسات الراهنة فإن أكثر من 80% من الإرهابيين يتم تجنيدهم عبر وسائل التواصل الإلكتروني من قبل أشخاص مجهولين لم يلتقوا بهم مسبقاً وربما لن يلتقوا بهم أبدا.

ويبقى السؤال الآخر هل لمخاوف اليمين المتطرف في أوروبا من أن يشكل المسلمين أغلبية في بعض بلدان القارة مستقبلا بحسب بعض الأصوات المنددة بذلك دور في عملية هذا التوجيه الخفي للتخلص من المسلمين الذين يشكلون في نظرهم خطرا عليهم من جهة، ومن جهة أخرى إيجاد ذريعة لإغلاق باب الهجرة أمام المسلمين مستقبلاً.

هذه الأسئلة وغيرها تحتاج إلى إثارة المزيد من التساؤلات سعيا في إيجاد إجابات عليها إذا ما أردنا حقاً مكافحة الإرهاب كصناعة لا كمنتج، وبينهما فرق شاسع يستحق التأمل طويلاً من قبل الأجهزة المعنية سواء كانت رسمية أو منظمات مدنية ومراكز دراسات.

نشر في موقع مركز سمت للدراسات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *