“الشائعات في عصر وسائل التواصل الاجتماعي” الواقع وسبل المواجهة

بقلم (عمر غازي)

ملخص

تستعرض هذه الورقة الوسائل المسببة لحدوث الشائعات، وانتشارها، والأسباب التي من شأنها زيادة الأثر السلبي في الشائعات المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والوسائل الإلكترونية بشكل عام، كما سلطت الضوء على عدد من الأساليب المتبعة في كشف زيف الشائعة، ودحضها مع ذكر بعض الأمثلة التطبيقية عليها، والمبادرات والجهود الفريدة للقضاء على هذه الظاهرة، بالإضافة إلى عرض التشريعات المجرمة لهذا العمل في المملكة العربية السعودية، وتقديم بعض التوصيات والمقترحات.

 

مقدمة

للشائعات أسباب كثيرة، ووسائل متعددة، وكلما التصقت بوسائل الإعلام كانت آثارها السلبية أكبر، ويزداد هذ الأثر السلبي شيوعا وانتشاراً مع وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج المحادثة الفورية على الأجهزة الذكية وفي مقدمتها (تويتر) و (واتس آب) نظراً لما تمتلكه من أدوات التفاعلية والانتشار والسرعة والقدرة الفائقة على التشهير السريع، وإثارة البلبة والتأثير في الرأي العام.

وقد يعزو البعض ذلك لضعف التشريعات أو عدم الجدية في تنفيذها، وكذلك إلى التقصير في التوعية بخطورة الشائعات وطرق تلافيها، وسبل التحقق من الأخبار، ناهيك عن عدم قيام بعض الجهات الرسمية باستخدام ذات الوسائل في نفي الشائعات أو نشر المعلومات الصحيحة والتواصل مع الجمهور.

 

وسائل خلق الشائعات

 

  • ممارسات إعلامية خاطئة سواء بقصد أو دون قصد، وتساهم في تكوين الشائعة مثل: – الاعتماد على مصادر مجهولة وغير معلنة.
  • الاعتماد على مصادر ثانوية في المعلومات، وتكوين الخبر..
  • عدم التوازن في المادة الإعلامية كقيام القائم بالاتصال بعرض وجهة نظر طرف دون الطرف الآخر.
  • استخدام اسلوب الإيحاء والتمليح، والذي يؤدي إلى قيام المتلقي بالتخمين والتوقع مما يؤدي إلى اختلاق الشائعات.
  • الإثارة في العناوين، والتي قد تختلف مع مضمون الخبر.
  • الترويج لخبر مختلق، يتم تعليبه بطريقة قابلة للاستهلاك من طرف الرأي العام، من خلال قالب المبالغة والتهويل في التشويه والتلاعب بالحقيقة بهدف التأثير، تحقيقًا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو حربية على النطاق المحلي، الإقليمي أو العالمي برمته، لإدخال الجماهير على نحو غير محسوس في الوعي الجماعي
  • الإضرار، أو الابتزاز:
  • قيام بعد الشركات المتنافسة بنشر شائعات مجهولة المصدر بهدف الإضرار بالآخر.
  • قيام بعض الأشخاص بنشر معلومات أو وثائق بهدف الانتقام الشخصي من أفراد أو شركات ومؤسسات سبق لهم العمل فيها.
  • انتحال الشخصيات:
  • فيقوم الكثير من الأشخاص بفتح حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء مشاهير واستغلالها في الإساءة لهم ونشر تصريحات أو تغريدات محل انتقاد بهدف تشويه السمعة أو التشفي، ويظهر هذا الأثر السلبي جلياً مع ازدياد الاعتماد في وسائل الإعلام المقرؤوة والمرئية والمسموعة على حسابات المشاهير عبر وسائل التواصل الشخصي كمصدر للأخبار والتصريحات، ففي أحيان كثيرة لا يكون رواج نفي الشائعة أو تكذبيها بقدر رواجها، وقد يمتد هذا الأثر لمدة طويلة.
  • عدم تحري الدقة والأمانة: نتيجة عدة عوامل منها
  • البحث عن الإثارة.
  • تغليب العاطفة.
  • عدم الوعي الكافي بالعواقب الوخيمة التي قد تترتب على الشائعات والأكاذيب.

الشائعات الإلكترونية

 

تتسم الشائعات المتداولة عبر وسائل التواصل الإلكتروني بعدد من السمات:

  • سرعة الانتشار: لاسيما في ظل الهواتف الذكية وتعدد منصات التواصل الاجتماعي فالأمر لا يحتاج سوى ثواني ودقائق معدودة، لأن تجوب الشائعة الآفاق.
  • أعداد المتلقين المتنامية: لأن المتلقي هو الآخر يقوم بدور المرسل فبضغطة زر يمكنه تحويل الرسائل المحتوية على المحتوى المضلل إلى (مجموعات الواتس آب مثلا) والتي تحتوي على عشرات الأعضاء الذين يقومون بدورهم كذلك في تحويل الرسائل لمتلقين آخرين وهكذا.
  • عدم التغيير: فبالمقارنة بالشائعات التقليدية التي تتداولها ألسنة الناس في مجالسهم الخاصة، يعتريها التغيير والتبديل، الذي قد يصل لحد التعارض في أحيان كثيرة ويكون كفيلا بإسقاط الشائعة، لكن في هذه الحالة تأخذ الرواية الإلكترونية منحنى آخر فالمتلقي الذي يتحول إلى مرسل لا يقوم سوى بدور واحد هو النسخ واللصق أو إعادة التوجيه.

أساليب كشف الشائعات

  • استخدام مواقع البحث بالصور للرجوع لمصدر الصورة وتاريخه ومعرفة المعلومات المصحوبة بالخبر والتأكد منها إذا كان تم عليها تعديل أو تم تزييف المعلومات ويمكن ذلك عن طريق موقع https://www.tineye.com/ أو Google للصور.
  • البحث عن الإشاعة فكثير من الإشاعات القديمة يتم إعادة تدويرها من جديد من وقت لآخر، وعن طريق البحث يمكن العثور على النفي من أرشيف الصحف والمواقع العالمية والعربية، فالقاعدة تقول أنه إذا ما انطلقت الإشاعة فإن الكشف عن مصدرها كفيل بقتلها.
  • التواصل مع الجهات المعنية إذا كان الخبر متعلقا بوزارة أو جهة حكومية أو مؤسسة ما وذلك عن طريق حساباتها الرسمية أو موقعها الإلكتروني أو أي طريقة أخرى.
  • تجاهل الشائعات ذات التأثير الضعيف التي قد تنشر في صحف مغمورة أو مواقع إنترنتية غير رائجة، حتى لا يكون إلقاء الضوء عليها سببا في نشرها.

أمثلة لأنواع مختلفة من الشائعات مع توضيح طريقة دحضها

فيما يلي بعض الشائعات التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع الأسلوب المتبع في كشفها وإثبات عدم صحتها :

  • إشاعة انتقالكورونا عن طريق التمور

تم نفي الخبر عن طريق الحساب الرسمي لوزارة الصحة

  • بكاء رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري بعد رفض السعودية تغيير موقفها.

وسيلة نفي الشائعة هو الرجوع لمصدر الصورة وتاريخها عن طريق محركات البحث

  • خبر وفاة حسن نصر الله، عبر تداول صورة للشريط الإخباري من قناة المنار .

وسيلة نفي الشائعة هي تحليل الصورة والتي اتضح استخدام برامج تعديل الصور عليها.

كما يمكن نفيها بوسيلة أخرى بإثبات أن الخط المستخدم على شريط القناة في الصورة ليس هو المستخدم في باقي النص وفي مقاطع الفيديو والصور الأخرى لذات القناة.

  • وجود ثغرة في التحديث الأخير للواتساب

ويلاحظ أن وسيلة نفي الشائعة كانت عن طريق مراسة الجهة المعنية، وتلقي إجابة بالنفي.

 

  • أمر ملكي بحظر الشيلات.

وسيلة نفي الشائعة عدم وجود مصدر رسمي .. حيث أن الأمر إذا تعلق بالأوامر الملكية فلابد أن يكون منشورا في وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)

  • ذئب مسعور يأكل عامل شرق عفيف.

وتم التأكد من عدم صحة الخير عن طريق البحث عن مصدر الصورة، واتضح أنها مرفقة مع خبر عن قيام الكلاب بأكل جثث الموتي في محافظة تعز اليمنية.

مبادرات فردية

ثمة مبادرات وجهود فردية محدودة للقيام بعمل منظم للحد من الشائعات وملاحقاتها وتوعية الناس بخطورتها ومنها على سبيل المثال:

  • مشروع “هيئة مكافحة الإشاعات وانطلق في عام 2012م بمبادرة من الشاب السعودي ريان عادل، وحقق شعبية كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي عبر وسم #لا_للإشاعات ويواكب المشروع المستخدمين على منصات التواصل المختلفة (تويتر، فيس بوك، انستغرام، سناب شات، جوجل بلس، تليجرام) وحظي باهتمام أكثر من 600 ألف متابع على موقع تويتر.

وتعمل هذه المبادرة على ملاحقة الشائعات بشكل يومي والقيام بعمل تصميم يجمع الخبر الحقيقي والشائعة مع تعليق على الصورة عن الطريقة المستخدمة في التتبع والتحقق من زيف الخبر أو الصورة أو الرسالة المتداولة.

  • موقع تأكد، ويختلف عن المشروع السابق في كونه لا يعتمد فكرة التصاميم وإنما يقوم بتوضيح الشائعات في صيغة تقارير صحفية عبر عدد من التبويبات بحسب الموضوعات ونشر روابطها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لكن هذا المشروع حاليا في مرحلة تعثر بالرغم من بقاء الأرشيف السابق منشورا على الموقع الإلكتروني.

 

التشريعات

بالرجوع إلى نظام مكافحة جرائم المعلوماتية في المملكة العربية السعودية الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم 79 وتاريخ 7/3/1428هـ، وتمت المصادقة عليه بموجب المرسوم الملكي الكريم  رقم م/17 وتاريخ 8/3/1428هـ ، لم يشر النظام إلى الإشاعة أو نشر الأخبار الكاذبة ولم يقوم بتعريفها أو تحديدها، ولعل المواد الأقرب في التي من الممكن أن تندرج تحتها عقوبات نشر الشائعات عبر الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل الاجتماعي:

  • المادة الثالثة حيث نصت في الفقرة الخامسة على أن التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل نقل المعلومات المختلفة، يؤدي للعقوبة بالسجن لمدة لا تزيد عن سنة وبغرامة لا تزيد عن 500 ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين.

والمادة السادسة والتي عاقبت بالسجن مدة لا تزيد عن خمس سنوات وبغرامة لا تزيد عن ثلاثة ملايين ريال أو بإحدى العقوبتين أي شخص يقوم بإنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الشخصية أو إعداده أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة العنكبوتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي.

 

مقترحات وتوصيات

  • إيجاد مظلة لدعم الصفحات والحسابات والمواقع التي تهدف إلى كشف الشائعات.
  • إنشاء مركز إعلامي وبحثي مستقل للسيطرة على الشائعات ويعمل على تتبع مصادرها وتحليلها ونفيها على أسس علمية، ونشر ثقافة التعامل معها.
  • ضبط تعريف الشائعة ووضع عقوبات واضحة لكافة أشكال التعاطي الإلكتروني معها.
  • دعوة وسائل الإعلام المختلفة إلى تأهيل كوادرها وتدريبهم على سبل التحقق من الأخبار والمصادر الإلكترونية والقدرة على التثبت الإلكتروني بكافة أشكاله.
  • الاهتمام بالإعلام الأمني وتخصيص مساحة أكبر له في وسائل الإعلام المحلية والجامعات والمحاضن التربوية.
  • تصميم حملات توعوية لمواجهة الشائعات تراعي الخصائص الديموغرافية.
———-
المراجع
  • المؤتمر الدولي للإعلام والإشاعة، جامعة الملك خالد، http://www.kku.edu.sa/ar/news-tags/1413/
  • نظام مكافة جرائم المعلوماتية. http://www.citc.gov.sa/arabic/RulesandSystems/CITCSyste/Documents/LA_004_%20A_%20Anti-Cyber%20Crime%20Law.pdf
  • استخدام التقنيات الحديثة في الشائعات، د. ذياب موسى البداينة، بحث منشور ضمن كتاب (أساليب مواجهة الشائعات) عن مركز البحوث والدراسات بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية (2001م).
  • شائعات “شبكات التواصل.. لا تصدق كل شيء، جريدة الرياض، العدد (17121) http://www.alriyadh.com/1046805
  • موقع هيئة مكافحة الشائعات http://norumors.net/
  • “هيئة مكافحة الإشاعات”… في الإعلام الاجتماعي، جريدة الحياة http://cutt.us/FM9E
  • هيئة مكافحة الإشاعات: الواتساب مصدر 80% من الشائعات، شبكة الصحفيين الدوليين http://ijnet.org/ar/blog/207874
  • موقع تأكد http://www.takkad.com/
  • الإشاعات في عصر المعلومات، د. إبراهيم أبو عرقوب، بحث منشور ضمن كتاب (الشائعات في عصر المعلومات) عن مركز البحوث والدراسات بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية (2003م).
  • ملامح عامة في سبل التصدي للشائعات من المنظور الأمني في عصر المعلومات، العميد د. علي بن فايز الجحني، ورقة عمل منشورة ضمن كتاب (الشائعات في عصر المعلومات) عن مركز البحوث والدراسات بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية (2003م).
  • الشائعات من المنظور التقني في عصر المعلومات، د.عبدالقادر الفتنوخ، ورقة عمل منشورة ضمن كتاب (الشائعات في عصر المعلومات) عن مركز البحوث والدراسات بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية (2003م).

 

نشرت في موقع مركز سمت للدراسات 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *