عمر غازي
العلوم الزائفة، أو ما تعرف بالعلوم الكاذبة، هي مجالات يدعي المنشغلون بها أنها قائمة على أسس علمية، لكنها في الحقيقة تفتقر إلى المنهجية العلمية الصارمة ولا تعتمد على الأدلة القاطعة. تعتمد هذه المجالات على أفكار غير مثبتة علميًا وتفتقر إلى التجارب المعترف بها. من بين أبرز هذه المفاهيم الطاقة الحيوية، واليوجا، والمعالجة المثلية، وبلورات الشفاء، وغيرها.
مفهوم “الطاقة الحيوية” أو “الطاقة الكونية” يشير إلى وجود طاقة غير مرئية تدور في أجسامنا وتؤثر على صحتنا الجسدية والعقلية. تستخدم هذه الفكرة في ممارسات مثل الريكي والعلاج بالطاقة والتأمل الطاقي، ومع ذلك، لا توجد أدلة علمية قوية تدعم وجود هذه الطاقة.
الأبحاث التي أجريت على هذه العلاجات غالبًا ما تكون غير منهجية وتعتمد على تأثير العلاج الوهمي (البلاسيبو)، ففي دراسة نُشرت في مجلة “جاما” (JAMA) حول تأثير الريكي، لم تظهر النتائج أي اختلاف ملموس بين العلاج الحقيقي والوهمي، مما يضعف مصداقية هذه الممارسات.
وعلى الرغم من فوائد اليوجا في تحسين المرونة وتقليل التوتر وتعزيز الصحة النفسية، إلا أنها تتضمن بعض الادعاءات التي تفتقر إلى الأدلة العلمية، فبعض ممارسي اليوجا يروجون لمفاهيم مثل “تنقية الشاكرات” و”فتح الطاقات الروحية”. هذه الأفكار لا تستند إلى أي أساس علمي وقد تكون مضللة.
حيث أظهرت دراسة في “مجلة الطب البديل والتكميلي” (The Journal of Alternative and Complementary Medicine) أن الفوائد المزعومة لتنقية الشاكرات لا تدعمها الأدلة العلمية، وغالبًا ما تكون نتيجة للاعتقاد الشخصي والتأثير النفسي.
ومن العلوم الزائفة أيضًا المعالجة المثلية وهي نظام علاجي يعتمد على مبدأ “المثل يعالج المثل”، حيث تُستخدم مواد مخففة بشكل كبير لعلاج الأمراض. لا توجد أدلة علمية تدعم فعالية المعالجة المثلية.
وهناك دراسة واسعة النطاق نُشرت في “مجلة لانسيت” (The Lancet) خلصت إلى أن تأثير المعالجة المثلية لا يتجاوز تأثير العلاج الوهمي، مما يضعها في فئة العلوم الزائفة.
وليست بلورات الشفاء بعيدة عن ذلك فهي تعتمد على فكرة أن بلورات معينة تمتلك خصائص علاجية يمكن أن توازن الطاقة في الجسم وتعزز الشفاء. هذه الممارسات تفتقر تمامًا إلى أي أساس علمي، ففي دراسة نُشرت في “مجلة الطب النفسي” (Journal of Psychosomatic Research) لم يتم الوصول إلى أي دليل يدعم فعالية بلورات الشفاء، وأشارت إلى أن الفوائد المزعومة قد تكون نتيجة للاعتقاد الشخصي والتأثير النفسي فقط.
تلعب العلوم الزائفة دورًا معقدًا في المجتمعات الحديثة، حيث تتداخل مع التراث الثقافي والتقاليد القديمة، ومع ذلك، من الضروري أن نتعامل مع هذه الممارسات بحذر ونقد، مستندين إلى الأدلة العلمية للتأكد من سلامة وفعالية الرعاية الصحية التي نتبعها.
عند الحديث عن نوعية المصدقين بهذه العلوم، تظهر الدراسات أن هناك خصائص معينة تميز هؤلاء الأشخاص، عادةً ما يكون المصدقون بالعلوم الزائفة أكثر عرضة للإيمان بالظواهر الخارقة والروحانيات، ويميلون إلى البحث عن حلول سريعة وسهلة لمشاكلهم الصحية والنفسية، كما يُلاحظ أن لديهم ميلاً أكبر نحو التفكير العاطفي على حساب التفكير العقلاني والتحليلي، بالإضافة إلى ذلك، يلعب التأثير الثقافي والاجتماعي دورًا كبيرًا في تعزيز هذه المعتقدات، حيث يمكن أن تتجذر هذه الممارسات في التقاليد العائلية والثقافية.
أظهرت الأبحاث أيضًا أن الأشخاص الذين يعانون من ضغوط نفسية واجتماعية، أو الذين يشعرون بالإحباط من الطب التقليدي، قد يكونون أكثر ميلاً إلى تجربة العلوم الزائفة كوسيلة للبحث عن الراحة والتحسن. في هذا السياق، يمكن أن تلعب الثقة بالعلاج البديل والبحث عن التحكم في الصحة الشخصية دورًا مهمًا في تبني هذه الممارسات.
لذا، فإن الفهم العميق لنوعية المصدقين بالعلوم الزائفة وكيفية تأثرهم بهذه الممارسات خطوة مهمة نحو تعزيز الوعي العلمي والتثقيف الصحي في المجتمعات، مما يسهم في توجيه الناس نحو العلاجات المثبتة علميًا والفعالة.
أيضًا، من المهم عند تناول العلوم الزائفة، من المهم تسليط الضوء على العوامل النفسية والاجتماعية التي تدفع الأفراد للإيمان بهذه الممارسات.
المصدر: الترند العربي