عمر غازي
تعتبر الهرمونات جزءًا أساسيًا من العمليات البيولوجية في جسم الإنسان، فهي تلعب دورًا حيويًا في تنظيم وظائف الجسم المختلفة، ولكن ماذا يحدث عندما تتحول هذه الهرمونات، التي من المفترض أن تكون نعمة، إلى نقمة تؤثر سلبًا على صحة صاحبها؟
الهرمونات الأنثوية، مثل الإستروجين والبروجستيرون، تعتبر من العناصر الأساسية التي تنظم الدورة الشهرية وتدعم الحمل وتؤثر على الحالة المزاجية، ومع ذلك، فإن هذه الهرمونات يمكن أن تكون لها تأثيرات جانبية قاتلة عندما تتعرض للتغيرات أو الاضطرابات، إذ تشير الأبحاث العلمية إلى أن هذه الهرمونات قد تكون مسؤولة عن العديد من المشاكل الصحية والنفسية التي تعاني منها النساء.
أظهرت دراسة أجرتها جامعة هارفارد في عام 2015 أن النساء اللاتي يعانين من اضطرابات هرمونية يكون لديهن مخاطر أعلى للإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية، ووجدت هذه الدراسة أن التغيرات في مستويات الإستروجين يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة مستويات الكوليسترول، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الهرمونات قد تكون لها تأثيرات سلبية على الصحة النفسية للنساء، حيث كشفت دراسة نشرتها مجلة “The Lancet” في عام 2017 أن النساء اللاتي يعانين من اضطرابات هرمونية مثل متلازمة تكيس المبايض أو انقطاع الطمث المبكر، يكون لديهن معدلات أعلى من الاكتئاب والقلق، وأن التغيرات الهرمونية يمكن أن تؤثر على كيمياء الدماغ، مما يؤدي إلى اضطرابات في المزاج.
تأثير الهرمونات على السلوك والجريمة لدى النساء هو مجال آخر يثير الاهتمام، فقد أظهرت دراسات عدة أن التغيرات الهرمونية يمكن أن تؤدي إلى تقلبات مزاجية حادة قد تؤثر على السلوك. ووفقًا لدراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في عام 2018، فإن النساء اللاتي يعانين من اضطرابات هرمونية حادة قد يكنّ أكثر عرضة للانخراط في سلوكيات عدوانية أو مخالفة للقانون، خاصة خلال فترات تقلبات الهرمونات مثل ما قبل الدورة الشهرية أو انقطاع الطمث.
من ناحية أخرى، تشير الدراسات إلى أن بعض الهرمونات المستخدمة في العلاجات الطبية قد تكون لها تأثيرات سلبية على النساء، ففي دراسة أجرتها جامعة كوبنهاغن عام 2019، أظهرت النتائج أن النساء اللاتي يتناولن حبوب منع الحمل الهرمونية يكون لديهن مخاطر أعلى للإصابة بسرطان الثدي، فالاستخدام الطويل لهذه الحبوب يمكن أن يؤدي إلى تغيرات خلوية تزيد من خطر الإصابة بالسرطان.
ومما يزيد من تعقيد الأمور، هو النقص الكبير في وعي الرجال بطبيعة هذه الاضطرابات وتأثيراتها على النساء، ففي دراسة نشرتها جامعة أوكسفورد في عام 2020، تبين أن معظم الرجال غير مدركين للتغيرات الهرمونية التي تمر بها النساء وكيفية تأثيرها على سلوكهن وحالتهن النفسية، وهذا النقص في الوعي يمكن أن يؤدي إلى سوء فهم ودعم غير كافٍ للنساء، مما يزيد من الضغط النفسي والاجتماعي عليهن.
على المستوى المجتمعي، فإن تأثير الهرمونات لا يقتصر على الصحة الفردية للنساء، بل يمتد ليؤثر على المجتمع ككل، فالنساء اللاتي يعانين من اضطرابات هرمونية يكون لديهن صعوبة في الحفاظ على استقرار حياتهن الشخصية والمهنية، مما يمكن أن يؤدي إلى زيادة الضغوط النفسية والاقتصادية على العائلات والمجتمع.
إن فهم التأثيرات السلبية للهرمونات الأنثوية واتخاذ الإجراءات الوقائية يمكن أن يسهم في تحسين جودة الحياة للنساء والمجتمع بأسره، وبلا شك فإن التعليم والتوعية حول هذه القضايا هو السبيل الأمثل للتعامل مع التحديات بشكل صحيح، والحد من آثارها السلبية، فالوعي هو القوة التي تمكننا من مواجهة أي مخاطر محتملة، وتحويلها إلى قوة دعم حقيقية لصحة النساء.
المصدر: الترند العربي