عمر غازي
أصبحت فكرة “أنت تحدد مصيرك” شائعة في عالم ما يسمي بالتنمية البشرية، لكن هذا الحديث يزيد عمقًا وتعقيدًا عندما نقترب منه من خلال عدسات علم النفس والسوسيولوجيا، فالإنسان هو الذي يحدد شكل حياته نجاحَا وفشلًا، وبؤسًا وسعادة، بناءً على رؤيته الداخلية لواقعه، وهذا ليس مجرد شعار تحفيزي، بل هو حقيقة تؤيدها الدراسات والأبحاث.
أحد أبرز الأمثلة على هذا هي نظرية الإدراك المعرفي، التي تبين كيف يمكن للإدراك الشخصي تحديد تفاعلاتنا مع الواقع. حسب هذه النظرية، الإنسان لديه القدرة على معالجة المعلومات وتفسيرها بطرق تحدد كيفية تجاوبه مع العالم الخارجي.
وعلى مستوى الفرد، يُظهر التوجه النفسي تأثيره القوي على الحالة النفسية، فالأشخاص الذين يميلون إلى التفكير الإيجابي يجدون السعادة والنجاح بسهولة أكبر من الذين يميلون إلى السلبية، حتى لو كانت الظروف متشابهة.
في السياق الاجتماعي، نجد نظرية التوقعات الذاتية، التي تُظهر كيف يمكن لتوقعات الفرد تحديد تفاعلاته الاجتماعية وبالتالي النتائج التي يحققها. إذا كان الشخص يتوقع الفشل، فإن احتمالية حدوثه يزيد، لأن هذا التوقع يُؤثر على سلوكه وردود فعل الأشخاص حوله.
حتى الثقافات التي ننتمي إليها تُعزز من هذا الفهم؛ في الثقافات التي تُركز على الفرد، يكون هناك تأكيد أكبر على قوة الإرادة والاختيار الشخصي، بينما تُركز الثقافات التي تعتمد على الجماعة على العلاقات والتوازن الاجتماعي.
خلاصة القول؛ الإنسان هو الذي يُشكل حياته بناءً على كيفية رؤيته وتفسيره للواقع؛ وهذه الرؤية ليست مجرد مفهوم فلسفي أو مبدأ تحفيزي، بل هو واقع معاش يمكنك ملامسته في دوائرك القريبة، بداية من نفسك.
المصدر: الترند العربي