عمر غازي
لطالما كانت المعرفة مصدرًا للقوة منذ العصور القديمة؛ فالفهم العميق للمعلومات والقدرة على استغلالها بمرونة يمكن أن يحدث تغييرًا في العالم المحيط بنا، وهو ما أثبتته قصص التاريخ التي لا تُعد ولا تُحصى.
ففي الحضارات القديمة مثل البابليين والمصريين القدماء، كانت المعرفة هي القوة التي أتاحت لهم الازدهار في بيئات معقدة. استفادوا من معرفتهم المتقدمة في الرياضيات والفلك لتحقيق النجاح في الزراعة والتنبؤ بالفيضانات وتحديد الأوقات المناسبة للزراعة والحصاد.
وفي العصور الوسطى، عانت المجتمعات من حجب المعرفة عن الجمهور العام، حيث احتكرت الكنيسة حق الوصول الحصري إليها؛ ولكن مع ظهور النهضة، بدأت المعرفة تنتشر بين الجماهير، مما أدى إلى ازدهار في التقدم العلمي والفكري والاقتصادي؛ حيث استعان العالم الإيطالي جاليليو جاليلي، بمعرفته في الفيزياء والفلك لتحدي العقيدة الرسمية للكنيسة حول هيكل الكون، وهو ما تسبب في محكمة التفتيش الرومانية الكاثوليكية متهمًة إياه بالهرطقة، لتحكم عليه بالسجن إلى أجل غير مسمى،وتحت الإقامة الجبرية حتى موته عام 1642، أدت محاكمة جاليليو جاليلي أمام محكمة الفاتيكان إلى مناقشات طويلة عبر التاريخ أدت في النهاية إلى تغيير في الطريقة التي كان يفكر بها الناس وفتح الطريق أمام ثورة علمية.
وخلال الثورة الصناعية، استخدم المخترعون معرفتهم الفنية لإنتاج الآلات التي حولت المجتمعات الزراعية إلى مجتمعات صناعية؛ هذا الانتقال من الزراعة إلى الصناعة أعطى القوة للذين كانوا على دراية بالتكنولوجيا الجديدة.
واليوم، أصبحت المعرفة أكثر أهمية من أي وقت مضى، فهي ليست فقط فيما يمكننا الحصول عليه بسهولة من خلال الإنترنت أو نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، ولكنها أيضاً في فهم كيفية استخدام هذه الأدوات لتحقيق القيمة الحقيقية والتأثير، فامتلاك المعرفة لم يعد كافيًا في ظل الغزو المعلوماتي الذي نعيشه، بقدر حاجتنا إلى استخدامها بطريقة ذكية وواعية لإحداث فارق.
المصدر: الترند العربي