عمر غازي
في عالم يقف على أعتاب التغيير الحاد والمستمر، يبدو أننا نغرق في محيط من الجدالات السطحية والمناقشات الفارغة المضمون والتي تندرج تحت مساحات الحوار ضمن الأسقف المنخفضة.
هذا الظاهرة سمة ملحوظة في العديد من المجتمعات، حيث يتم تجاهل أو تجهيل القضايا الملحة، وتعظيم النقاشات العقيمة التي لا تنتج إلا المزيد من الجدل والتوتر عبر وسائل الإعلام، ومن ثم الفضاء العام وفي مقدمته منصات التواصل الاجتماعي.
تساهم عوامل عديدة في تأجيج هذا الوضع غير الصحي، وربما يكون من بينها مناخ الحرية المحدود، حيث يخشى الغالبية من تناول القضايا الحساسة أو التحدي الجريء للأفكار السائدة. وفي ظل هذه القيود، تتحول النقاشات بوعي أو دون وعي إلى مجرد مبادلة للآراء السطحية، أو تعميقًا لهذه السطحية، وفرض حالة من العمق المصطنع عليها، بدلاً من أن تكوين منتدى حقيقي للتفكير النقدي والتغيير الإيجابي.
مع ذلك، يجب أن نتذكر أن الجدال السليم والنقاش المثمر هو الأساس الذي يبنى عليه التقدم الحقيقي. القضايا التي تؤثر على حياتنا اليومية، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو بيئية، تستحق أن تكون في قلب الحوار العام، وليس على هامشه.
الحل ليس سهلاً ولكنه بالتأكيد ممكنًا، يتطلب تغيير هذا الوضع تغيير الثقافة التي تحتضن الجدل، وإعطاء القضايا المهمة المكانة التي تستحقها في الحوار العام؛ وعلى الأقل إن لم نستطع تحديد القضايا التي تهمنا حقًا كمجتمع، فلنعمل على النأي بأنفسنا عن الخوض في هذه الجدالات التي لا تفرز سوى الجهل والتغييب.
المصدر: الترند العربي