عمر غازي
التقاعد الوظيفي جزء لا يتجزأ من مسيرة الحياة لمعظمنا، فإما أن يأتي بمحض الاختيار أو قسرا بسبب تقدم العمر والشيخوخة والقدرة المتناقصة على العمل بكفاءة. ولكن هل يمكن أن نتقاعد من الحياة كلها بينما نحن على أحياء نرزق؛ ونمارس وظائفنا؟ يواجه العديد من الأفراد هذا التحدي في مراحل مختلفة من حياتهم، وبعضهم يتجه إلى هذا القرار المبكر دون حتى أن يدركوا ذلك. تتنوع أشكال هذا التقاعد الحياتي، وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك:
الانسحاب الاجتماعي: يمكن أن يعيش بعض الأفراد حياة انعزالية، إما بسبب المشاكل النفسية أو الضغوط المعيشية أو الخيبات الشخصية. يتجنب هؤلاء الأفراد المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين، مما يؤدي إلى انعدام الحياة الاجتماعية والعزلة.
الاستسلام للروتين: قد يجد البعض أنفسهم عالقين في دوامة روتين الحياة، حيث يتنازلون عن تحقيق أحلامهم وطموحاتهم ويتبعون نظامًا يوميًا مملًا ومتكررًا. هذا التقاعد يتمثل في التخلي عن الرغبة في اكتشاف الجديد والتجربة والتطور الشخصي.
فقدان الهدف: يفتقر بعض الناس إلى الهدف والتوجيه في حياتهم، مما يجعلهم يشعرون بالضياع والفراغ. قد يتنازل هؤلاء عن البحث عن مغزى لحياتهم ويتجنبون اتخاذ قرارات حاسمة تؤثر في مستقبلهم.
التراجع عن النمو الشخصي: يعتقد البعض أنهم وصلوا إلى أقصى مرحلة ممكنة من النمو الشخصي والتطور، وأنهم لا يستطيعون تحقيق المزيد. هذا النوع من التقاعد يتمثل في التخلي عن تنمية المهارات والقدرات الشخصية والاكتفاء بما تحقق حتى الآن.
من البديهي أن يؤدي التقاعد من الحياة إلى الشعور بالإحباط والاكتئاب وفقدان الإلهام والمغزى. فنعيش الدهر موتى على ظهر الأرض لا باطنها؛ وعلى الرغم من صعوبة تجاوز هذه المرحلة، يمكن للأفراد استخدام مجموعة من الاستراتيجيات لإعادة اكتشاف أنفسهم واستعادة الحيوية والنشاط في حياتهم؛ ولكن لن يحدث ذلك أبدًا ما لم يدركوا طبيعة ما يعانون منه أولًا وهو ما يحتاج إلى جهد شاق نادرًا ما يتمكن المتقاعدون من بذله بعد استسلامهم لفقدان وظيفتهم كأحياء.