علاقات عامة أم دعاية وإعلان

عمر غازي

كعامل في مجال العلاقات العامة يصعب عليّ أحيانا أن أجيب على هذا السؤال على الرغم من بساطته؟ وهو ما مجال عملك الحالي أو ما نشاط الجهة التي تعمل فيها؟  

بطبيعة الحال أبادر غالباً بالرد “علاقات عامة”؟ يحتار السائل أحيانا وقد يطلب توضيحاً أكثر، أو يستطر مجيبا نفسه بصيغة السؤال دعاية وإعلان؟ تنظيم فعاليات؟ أو تسويق إلكتروني! وغيرها، وأحيانا كثيرة أحتاج إلى أن أوافقه الرأي ليمضي الحديث..

إشكالية فهم مجال عمل قطاع العلاقات العامة على وجه الدقة يمكن إرجاعها إلى عدد من الأسباب منها حداثة هذا القطاع نسبياً إذ لا يزيد عمره على الصعيد العالم عن 100 عام، وإقليمياً ومحليا لم يتزايد الاهتمام به إلا مؤخرا، ومن الأسباب الأخرى أن هذا المجال على الصعيد الأكاديمي يأتي غالبا مقروناً بالإعلام في كليات أو أقسام الإعلام، أما على صعيد الجمعيات المهنية نجد الكثير منها يحمل اسم جميعة العلاقات العامة والإعلان، أو العلاقات العامة والإعلام، أو العلاقات العامة والمراسم،  وفي القطاعات العامة والحكومية نجد العلاقات العامة أحيانا تتشابك مع عدد من الإدارات الأخرى كالإعلام أو التسويق.

هذه الإشكاليات تزداد تعقيداً إذا علمنا أنها بالفعل أمر واقع ليس على الصعيد النظري أو اللبس في المفهوم وإنما على الصعيد العملي أيضا، فهناك تداخل بين العلاقات العامة والوظائف الأخرى كالإعلام والدعاية والإعلان وإدارة الفعاليات والمراكز الإعلامية،

وعلى قدر ما يبدو هذا الأمر محط إشكال في ظاهره لكن في جوهره جد بسيط فيمكننا القول أن “الإعلام والتحرير وإنتاج المحتوى والإعلان والدعاية وصناعة الهوية البصرية والمراسلات وغيرها كلها أدوات يستخدمها ممارس العلاقات العامة وليست أحد مجالاتها الأساسية، فالهدف الأساسي هو بناء علاقة اتصالية سليمة بين المنظمة والفئات المستهدفة تلبي احتياجاتهم واهتماماتهم، وتحقق التعاون معهم بما يخدم الأهداف الاستراتيجية للمنظمة “.

وإذا كان هذا التنظير يبدو مريحاً بعض الشيء إلا أنه قد يدفعنا إلى الدخول في إشكالية أخرى مع الممارسين والمهتمين والمختصين، وهي هل الاتصال المؤسسي فرع من العلاقات العامة أم أن العلاقات العامة تندرج تحت مظلة الاتصال المؤسسي؟ والاتصال المؤسسي هو المصطلح الأحدث والذي باتت الكثير من المنظمات الكبرى تتبناه عملياً.

قبل الإجابة على التساؤل يمكننا القول أن الاتصال المؤسسي يأتي كتطور لممارسات العلاقات العامة ليشمل كافة الجوانب التسويقية والاتصالية الداخلية والخارجية، وبناء السمعة والمحافظة عليها، وإدارة الأزمات، وفق رؤية استراتيجية موحدة للمنظمة، ولذلك فهو الامتداد الطبيعي لنشاط العلاقات العامة كمظلة اتصالية تستخدم كل الأدوات والاستراتيجيات الممكنة، ولكن هل يمكن أن نفصل مثلا قسم التسويق أو الإعلام الجديد عن العلاقات العامة تحت مظلة الاتصال المؤسسي، في الواقع هناك ممارسات قائمة في كثير من المنظمات الحكومية وغير الحكومية، ويتم في النهاية إسناد مهام التحرير والكتابة والنشر الصحفي لأحد أقسام الاتصال المؤسسي تحت مسمى العلاقات العامة فقط دون أن يكون له دور آخر في التخطيط أو صياغة الرسالة الاتصالية، وهي تسمية خاطئة شكلا ومضمونا والصحيح أن تكون تحت هذه الإدارة بشكلها السابقة تحمل مسمى الإعلام وفق مظلة الاتصال المؤسسي الذي برأيي ما  هو إلا الامتداد الطبيعي للعلاقات العامة وليس شيئاً غيرها.


المصدر: نشرة elleven العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *