حركة تمرد .. وإمبريالية الفلول

 بقلم (عمر غازي)
[تحدث أحد علماء الاجتماع الغربيين عما يسميه “إمبريالية المقولات” وهي أن تقوم إحدى القوى بتحديد المقولات التحليلية الأساسية بطريقة تعكس إدراكها وتخدم مصالحها وتستبعد إدراك الآخرين وتعمل مصالحهم.
ووفقا للدكتور عبد الوهاب المسيري فهذه الظاهرة تتضح بشكل واضح في الصراع العربي الإسرائيلي، فالمقولات التحليلية الأساسية قد تم صياغتها بعناية فائقة داخل التشكيل الحضاري الغربي. وهي مقولات مستمدة أساسا من العهد القديم بعد أن تم علمنتها فـ”الشعب المختار” يصبح “الشعب اليهودي”، وأرض الميعاد تصبح “الوطن القومي اليهودي”، و”العودة في آخر الأيام حين يتحقق الوعد الإلهي” تصبح “استيطان اليهود في فلسطين حسب وعد بلفور”. وعلى الرغم من محاولة العقل العربي مقاومة هذه الإمبريالية الإداركية إلا أنها أحكمت وثاقها فلم يوفق كثيرا في الانسلاخ منها].
 
استوقفتني هذه الأسطر السابقة وأنا أقرأ كتاب “الجماعات الوظيفية اليهودية” (ص/7) للمفكر المصري الراحل الدكتور عبدالوهاب المسيري، والحقيقة أنها أثارت في ذهني كثيرا من التساؤلات والمخاوف في واقعنا السياسي اليوم في مصر خشية أن نكون نعيش في حالة من “الإمبريالية الإداركية” دون وعي منا، وذلك بأن تقوم إحدى القوى -خصوصا صاحبة الهيمنة الإعلامية- بتحديد النماذج التي تعكس إدراكها للواقع، وتخدم مصالحها وتستبعد إدراك الآخرين و تهمل مصالحهم.
وسألت نفسي هل الدعوات المطالبة برحيل أول رئيس منتخب  في تجربة ديمقراطية ناشئة، تخفي في حقيقتها “إمبريالية إدراكية” من قبل قوى الثورة المضادة (الفلول)؟.
وهل من الممكن أن تكون المناداة بسقوط “حكم المرشد” بعد أشهر من اعتلاء أول رئيس منتخب سدة الحكم، هو الغطاء الثوري لإسقاط النظام الجديد الذي قوض أركان نظام مبارك وزبايته.
وإذا كان الرئيس فاشلا هو وجماعته أليس ذلك أمرا إيجابيا للمعارضة؟!! سيما وأننا نحتكم إلى الصندوق النزيه في ديمقراطيتنا الناشئة، برغم ما قد يعتري العملية الانتخابية ويشوبها من خلل!!، ولماذا لا تكون هذه الحالة من البلبلة في حقيقتها موجهة ضد الثورة لا الإخوان، ونحن الذين سنأكل الطعم؟!!.
هذه التساؤلات وغيرها عززت من موقفي المتحفظ من حركة “تمرد” والدعوات المنادية بانتخابات مبكرة، خشية تبعاتها التي لا ندري إلام تؤول، في ظل تشابك المصالح، وتداخل الخصوم أصحاب الغايات المختلفة وأن اتحدت على هدف واحد في الوقت الحالي، ولذا فإن ما نراه من اصطفاف جبهة الإنقاذ وغيرها من القوى المعارضة وبعض الفلول في خندق واحد هو أمر يدعو للريبة والحذر، وهو ما تنبهت له حركة 6 إبريل وشباب الثورة عندما رفضوا مساندة الفلول ومؤازرتهم ولو لحين عندما ظنوا أنهم بدخولهم ميدان التحرير مطالبين بإسقاط حكم المرشد والإعلان الدستوري المثير للجدل، سينالون رضا الشباب الثوري، لكن الثوار وقتها  كانت مواقفهم في قمة الوعي فهم يدركون تمام الإدراك أن أرامل نظام المخلوع يعادون الثورة أضعاف رغبتهم في إسقاط الإخوان، ولم تكن لتختلف مواقفهم كثيرا إذا أتى رئيس آخر غير مرشحهم “أحمد شفيق”.
———
(*) الإمبريالية:  التسلطية (بالإنجليزية: Imperialism) هي سياسة توسيع السيطرة أو السلطة على الوجود الخارجي، وتكون هذه السيطرة بوجود مناطق داخل تلك الدول، أو بالسيطرة عن طريق التبعية السياسية أوالثقافية أو الاقتصاد والدبلوماسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *